dimanche, avril 08, 2007

قراءات دستورية- أشغال تطبيقية: دراسة نص



في مثل هذا اليوم منذ 51 سنة إنعقد المجلس القومي التأسيسي لصياغة أول دستور للدولة التونسية المستقلّة (واللّي وقتها مازلت مملكة موش جمهورية) برئاسة جلّولي فارس، وبالمناسبة هاذي ألقى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الخطاب التالي، واللّي حبّيت ننشرو على المدوّنة لعدّة أسباب: أولا هو في إطار برنامجنا السنوي لدراسة الدستور التونسي بحيث يعطينا فكرة عن
" l'état d'esprit"...
-ما لقيتش الترجمة بالعربي-...
التي تم في إطارو وضع الدستور، أي الإطار الفكري والسياسي والنفسي العام للبلاد في تلك الفترة. وثانيا الخطاب هذا هو عبارة عن صفحة هامة من تاريخ البلاد لازم كلّ تونسي يكون مطلع عليها إذا كان موش برشة على الأقل شويّة

ملاحظاتي الشخصية بعد قراءة الخطاب هي أنه:

- يعكس بصفة واضحة تصوّر بورقيبة لمشروع متكامل فيه رؤيته الخاصة للمجتمع التونسي بجوانبه السياسية والحضارية والفكرية وهذا من السنوات الأولى للإستقلال

- خطاب يمكن إعتماده كمرجع لتقييم فترة حكم بورقيبة بالمقارنة مع الأهداف التي كان ضبطها بنفسه كمشروع للدولة الجديدة

- الخطاب يبيـّن أن بورقيبة هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة حتى في علاقته بالمجلس التأسيسي بحيث عديد العناصر التي تحدث عنها في الخطاب نجدها بعد ذلك في نصّ الدستور وكأنّه تمّ نقلها على حالها

- و
الأهم حسب رأيي هو أنو جزء كبير من كلام بورقيبة يمكن نغمضو عينينا ونسمعوه وكأنّه يحكي على مواضيع الساعة في 2007 موش في 1956 وهذا يخلينا نتساءلو: آش عملنا ووين وصلنا بعد 51 سنة من الخطاب هذا؟

على كل حال، نخلّيكم مع الزعيم الله يرحمو ويرحمنا معاه، حلـّل وناقش النصّ التالي



خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة في افتتاح أعمال المجلس القومي التأسيسي يوم 8 أفريل 1956

"لأول مرة في حياتي أشعر بعجز عن الكلام لأعبّر عمّا يختلج بفؤادي من الإحساس والتأثر في هذه اللحظة الرهيبة التي أرى فيها حلما يتحقق بعد أن كافحت الأمة كفاحا لاقت فيه الأمرّين وأبدت فيه من الرأي السديد والبطولة ما وفر لها أسباب النجاح وجعلها قدوة لغيرها من الشعوب

إنه يوم عظيم هذا اليوم الذي نجتمع فيه قد كلّل جهاد أمّة طال كفاحها مدة 75 سنة يحق لها ويحق لي شخصّيا أن أتذكر ولو في لمحة من الوقت الإخوان الرفقاء الذين رافقوني في أوّل مرحلة من هذا الكفاح وأجمعوا معي للقضاء على نظام جائر كان يسود البلاد والخروج بها من حياة الذل والإستعباد

واستمر كفاحنا حتى رأينا إخواننا جندلو بالرصاص وماتوا شهداء وآخرهم أحد رفقائكم ورفقائنا في هذا المجلس التأسيسي المرحوم السيد الحسين بوزيان الذي جندل أخيرا ومات مطمئنا بعد أن شاهد إنتصار أمته ووطنه

أمام هذا النصر العظيم أرى من واجبي أن أبتهل إلى الله أن يقينا مواطن العثر والمزالق وجميع الأسباب التي تسبب في تفرقنا من أغراض وجهل وأوهام، أن يجنبنا هذه الآفات التي كافحنا لاجتثاثها من قلوب هذا الشعب، أن يجنبنا الرجوع إلى التناحر وأن يلهمنا ويوفقنا سواء السبيل

حضرات النواب المحترمين

تجتمعون في هذا المجلس التأسيسي بإرادة الشعب، لا تنسوا أن تلك الإرادة متجسمة في جمعكم واضحة جليّة، فالسيادة في تونس سيادة الشعب، صاحبها الشرعي الحقيقي. ففي هذا اليوم المشهود المبارك نتذكر بخشوع إخوانا لنا في الكفاح أمثال الملك المنعم محمد المنصف والحبيب ثامر وفرحات حشاد والهادي شاكر وغيرهم استشهدو في ساحة الشرف في سبيل تلك الغاية، وكأنّ أرواح شهداء 9 أفريل الذين سقطوا تحت رصاص الاستعمار وهم ينادون "برلمان تونسي" ترفرف فوقنا، لأنّ أمانيهم قد تحققت، فأرجو منكم أن تقفوا وقفة ترحّم على تلك الأرواح الزكيّة (دقيقة وقوف) ا

أيها المواطنون الكرام

لقد اختاركم الشعب عن تمحيص وتجربة وانتخبكم عن رضى بحرية تامة وبأغلبية كادت تكون إجماعا ووضع ثقته فيكم وقلّدكم أمانته في أعناقكم لتسهروا على مصالح الوطن العليا. وأرى أن أوّل عمل يقوم به المجلس هو أن يسجّل أنّ تونس دولة حرّة مستقلة ذات سيادة كاملة ليوفـّر الضمانات القانونية اللازمة ولكي يتخلص من كلّ القيود في سنّ دستور لا يلائم وضعية البلاد

يجب أن نتعض بغيرنا فلا نضيع عن الأمة أوقاتا ثمينة في المجادلات اللفظية أو النظرية لا جدوى فيها بل سنختار منهاجا ناجعا للعمل يعتمد على واقعنا التونسي ليكون اجتهادنا إيجابيا سريع الإنجاز فيتم وضع دستورنا في أقرب وقت ممكن وعلينا أن نحافظ على وحدة الأمة داخل المجلس لأنّ كلّ عضو منّا وإن وقع انتخابه في منطقة معينة إلاّ أنّه يمثل أمة جمعاء فلا يدافع عن مصالح خاصة أو مصالح جهة دون جهة أو مصالح طبقة دون طبقة

وبقدر ما تنتفع تونس بتنوّع الآراء والتعبير عن وجهات النظر المتعددة بقدر ما يكون الخلاف والعناد بعد أخذ القرارات النهائية ضارا بما يحدثه من تصدّع في الصفوف وانقسام عقيم وعرقلة في الأفعال

وعندما ندعو إلى الإتعاض بالغير لا نقصد التقليد الأعمى، فلا يخفاكم أن دولتنا التونسية لها شخصيتها منذ مئات السنين، وقد اعتراها قبل الحماية وأثناءها الإضطراب والخلل لاختلاط السلطات فيها ولتضخم الإدارة واستيلائها على النفوذ السياسي. ولا يمكن أن يستمرّ هذا الوضع المزري بكرامتنا وعزتنا، المنافي للعدل والتقدّم، فنحن اليوم بصدد بعث دولة جديدة ينبغي أن يقام نظامها على أسس واضحة متينة، وسيطبع هذا النظام بطابع عصركم هذا وهو ككل شيء بشري قابل للتطور والتعديل، ولكن المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقنا توجب علينا التروي ومراعاة الواقع وعقلية الشعب حاضرة وواضحة لكي يضمن الدستور البقاء لدولتنا واستقرار الحكم فيها

فلا يمكن أن ننسى أننا عرب ننتسب إلى الحضارة الإسلامية وأننا أيضا نعيش في النصف الثاني من القرن العشرين نريد أن نساهم في ركب الحضارة وأن نكون في عصرنا هذا، ولهذا نمقت الفوضى والاستبداد ونرفض الجمود والرجعية والاستعباد بأنواعه، فالدستور سيضع حدّا لكلّ طغيان وكلّ ظلم داخلي أو أجنبي، فمن اليوم لن يتصرّف في حقوق الشعب التونسي غير الشعب التونسي ولن يكون الحكم في البلاد لفائدة فرد أو جماعة أو طبقة بل لفائدة مجموع الأمة التونسية. وتفريق السلطات وتحديدها ضروري حتى يوجد بينها التوازي فيسود العدل الذي لا دوام لمجتمع بشري من دونه والمساواة بين المواطنين والعدالة الإجتماعية التي تقضي على الامتيازات وتجعل الامكانيات متعادلة لدى الأفراد والجماعات وتوفر للجميع أسباب العيش والرفاهية والرقي وتحقق الحرية للأفراد والجماعات بحرية الرأي وحرية المعتقد، تلك الحرية التي دفعنا ثمنها غاليا والتي ينبغي أن يتمتع بها جميع المتساكنين في البلاد التونسية

فإن كانت الحرية تكسب المواطنين حقوقا مقدسة فهي تفرض عليه واجبات مقدسة أيضا، فليست الحرية هي الفوضى ومن يعتدي على حرية غيره أو على رزقه وحياته لا يستحق أن يكون حرّا

أيها المواطنون

نحن كنواب مسؤولون على حقوق هذا الشعب وعلى مصير هذا الوطن وعلى حفظ كيان الدولة التونسية، فينبغي أن لا نسمح بأي اضطراب وأن نضع حدّا لأعمال الفوضى بين الهدامين الذين يريدون عرقلتنا في إقامة دولتنا الفتية، فالواجب يدعونا للدفاع عن دولتنا بقبضة من حديد وبعزيمة ثابتة لكي لا ترجع تونس إلى الوراء فيسودها الظلم والعبودية والتعصب الأعمى البغيض أو الحكم الأجنبي

أيها المواطنون

إننا نحمل آمال شعب يريد الحياة، والحياة عزة وكرامة وقد تحققت ولكنها في آن واحد حريّة في نظام وتقدم في حكمة وثبات وازدهار اقتصادي في عدالة اجتماعية، فليحقق دستورنا للشعب بلوغ تلك الغاية السامية

لكن أرى لزاما علي أن أنبهكم إلى أنه مهما تبلغ تـلك النصوص من الدقة والكمال فهي لا تأتي بثمرتها ولا تكون مفيدة صالحة إلاّ بالرجال الذين سيطبقونها بالنية الخالصة والعزيمة الصادقة

وإننا لنعلم أن انزواء الشعوب وعزلتها من أكبر أسباب انحطاطها وتدهورها، ولذا يريد الشعب أن تأخذ تونس المكان اللائق بها بين الأمم الحرة المستقلة وأن تشارك في المنظمات العالمية وأن تتعاون مع دول العالم في كنف احترام السيادة وأن توثق اتصالاتها السياسية والاقتصادية والثقافية بالدول الشقيقة وبالدول الصديقة على أساس المسواة في السيادة وبقدر ما يفرضه علينا الواقع التونسي ومصلحة الوطن العليا، فموقعنا الجغرافي يجعل مصيرنا مرتبطا بمصير بقية أقطار شمال افريقيا ويحتم علينا الاتصال بدول البحر الأبيض المتوسط، كما يوجب علينا صغر رقعتنا وحاجيات نهضتنا أن نتعاون مع دول العالم في كنف احترام السيادة"



9 commentaires:

  1. oui sangoura, je m'excuse, g pas fait attention. C normal que tu intervienne pour corriger ça, 7atta howwa weld el janoub rahou :)

    Je vais corriger cette faute tout de suite

    RépondreSupprimer
  2. billehi chkoun 3andou m7arma !!

    RépondreSupprimer
  3. Que ce passe t’il là, peuple tunisien ? Un flashback …
    Que cherchons-nous ?
    Qu’est ce qu’on a perdu ?

    RépondreSupprimer
  4. Excellent post, ya sidi comme d'hab, tu épates :

    L'etat d'esprit, ce ne serait pas
    دولة الفكر
    ?

    Je ne sais, je suis nul en arabe, dommage

    RépondreSupprimer
  5. Merci Kaiser, apparamment oui, t'es un peu nul en arabe mon ami :p

    héhé

    RépondreSupprimer
  6. Grande Bravo mon Ami pour ce superbe discours, je pense que c'est un texte qui devrait être enseigné en fin de l'école primaire.

    RépondreSupprimer
  7. Oui téméraire, je suis de ton avis, j'ai adoré ce texte et pris beaucoup de plaisir à le relire et à le réécrire.

    Je ne me suis jamais défini comme un Bourguibiste, mais il faut se mettre à l'évidence: Il y'a des gens qui ont de la classe, il y'a d'autres qui n'ont ont pas. Bourguiba était certainement des premiers.

    RépondreSupprimer
  8. Pour ce qui est de la phrase où il y a état d'esprit, tu peux écrire

    بحيث يعطينا فكرة عن الجو العام الذي تمّ في إطارو وضع الدستور

    RépondreSupprimer
  9. oui peut-etre, mais je crois que "el jaww el 3am" c'est plus vaste que "etat d'esprit". C'est pas facile ces traductions: on pense en français et on s'exprime en arabe :s

    RépondreSupprimer

علـّق وربّي معاك
(مع إحتفاظي بحقي في إزالة كلّ تعليق خارج عن إطار التدوينة أو يحتوي على عبارات بذيئة من قبيل كلام السفاهة والتربريب وذكر الأعضاء التناسليّة في غير إطارها الطبّي أو البيولوجي والتعرّض إلى أعراض الناس والتحريض على العنف المادي والمعنوي، كما تحذف بلا تردّد التعليقات التي تحتوي على إشهار لمواد تجاريّة أو مواقع أخرى وكلّ ما شابه ذلك من التعليقات التي تعبّر على درجة عالية من التجوبير والإنحطاط ويرجع تقييم هذا الأمر وتقديره إلى صاحب المدوّنة يعني سيادتي أنا ابقاني الله ذخرا للمجتمع)