"حبّوني واتدلّلت، حبّيت إتدلّلوا عليّا
إلّي حبّني عذّبت، وإلّي نحبّو يعذّب فيّا"
بهذه المقتطفات من الأغنية التونسيّة العريقة حبّيت نفتتح التدوينة متاعي حول اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، وهي مناسبة سنويّة تتلمّ فيها الناس إلّي كلات ما كلا الطبل نهار العيد، وتبدى تندب على سعدها المكبوب وتناشد في الحاكم متاع بلادها ومتاع بلاد النّاس باش يقطع دابر المسبط ويتعامل مع المواطنين بأكثر حلم وحنيّة ورقّة ورومنطيقيّة.
الحكاية هاذي متاع مناهضة التعذيب جاتنا كيما تعرفوا مع حقوق الإنسان من عند القورّة، الله يهلكهم كيما هلكونا، بحيث نحنا العرب عمرها ما كانت عندنا مشاكل من النوع هذا على خاطر بطبيعتنا وبالنظر للمحيط اللي نعيشوا فيه، حكاية العذاب والتعذيب بصفة عامّة حاجة عاديّة ياسر وتابعة لخبزنا اليومي كيما يقولو فيها.
توّة إنتي شوف الطقس متاعنا بركة يزّي أتو تفهم آش معناها تعذيب: تصوّر روحك نهار في طمبك أوسّو (نقولوا الأسبوع الأوّل من شهر أوت مثلا) واقف تستنّى في كار صفراء في محطّة لا فيها لا غطاء ولا ظلّ شجرة والعرق يجبد معاك، وتزيد تطلع في الكار بعد ساعة ونصف وقوف يضربك ثاني أكسيد الضبّوط في 55 سخانة. تي سجن أبو غريب وقتها يولّي يظهرلك نزل أربعة نجوم وتبدى تتمنّى في المارينـز يصبّولك على راسك في الماء ماشي في بالهم يعذّبوا فيك وإنتي تبدى تستحلى وترحّم على والديهم. قاللّو تعذيب ! نحنا العرب رانا رجال، وهالفيناس الزايدة على اللزوم هاذي متاع "ما تضربنيش" و"ما تفشّخنيش راني إنسان" ما تاكلش معانا.. إي نعم يا سيدي، نفشّخك ونزيد نفشّخك !
ياخي آش كان عليه إذا كان خوك إلّي يضربك ويضرب عليك يشدّ نهار يفشّخك في قالب قوادة غالطة وإلاّ شبهة ماهيش ثابتة وإلاّ قضيّة طايشة، ماهو في فايدتك وفي فايدة البلاد، إمّالا باش وخيّان؟ آشنوّة هاذي راجل بشلاغمو وبلحيتو جاي يبكي في "الدايليموشن" وإلاّ في "اليو-طيّب-تيوب" قالّك راهم قلّعولي ظوافري بكلاّب؟ وإنتي توّة راجل مطوّل ظوافرك ما تحشمش؟ ماهو تلهى بروحك شويّة ونظّف روحك إنتي زادة يا رسول الله. آش باش يعملولك كيف ما لقاوش لا مقصّ لا "كوب أونقل" نهارتها؟ يسيّبوك هكّاكة ظوافرك كيف الحلّوف باش الناس تضحك عليك؟ لا حول ولا قوّة إلاّ بالله !
أرجعوا شوفوا هاك المقطع متاع الغناية التونسيّة العزيزة آش يقول وإفهموا المعاني يهديكم الله: "إلّي حبّني عذّبت، وإلّي نحبّو يعذّب فيّا".. التعذيب راهو حبّ، حبّ ومعزّة للإنسان. تجيش إنتي لواحد ما عندك بيه حتى علاقة وتدخل عليه بالمشطة؟ لا، موش معقول بالطبيعة، فالمشطة هي آخر درجة في التقارب والعلاقات الحميميّة، والتعذيب هو وسيلة الحبيب في إذكاء نار الشوق والعشق عند الطرف الآخر، وأرجعوا لتراثنا الفنّي أتو تزيدو ترحّمولي على والديّا بعد ما أخرجتكم من الظلمات إلى النور كيف تلقاو أغاني أخرى تمدح في التعذيب بمختلف أشكاله من نوع "جرّب نار الغيرة" و"أضرب بتريسيتي الشوق"، "ذوق مشطة الفرقة" أو "أقعد على شقف الإخلاص"، وغيرها من الأغاني المعبّرة على أنّ الحبّ بلاش عذاب ماهوش حبّ، وأنّ ضرب الحبيب أبنّ من أكل الزبيب، وبالتالي أنّه ما فمّاش إشكال كبير كيف يبدى فمّا شويّة تعذيب، وحتّى إلّي توجع شويّة يكبر وينسى، وخيار المومن قلبو صافي.
توّة بالله البشر هاذم المناهضين للتعذيب، زعمة يعرفوا خير من المولى سبحانه وتعالى كيف جعل جهنّم مقرّ أزلي للجمعيّة الرياضيّة لتعذيب الكفّار والمارقين عن تعاليم الدين؟ فإذا كان هذا شأن المولى في عباده يا إخواني فما ضرّ الإنسان لو أنّه تحمّل بعض الآلام العابرة في الدار الدنيا أو أنّو يحلّ جلغتو ويجيبها من الآخر ويعترف بما نسب إليه من أعمال وأقوال ويبصم بالعشرة ويا ناس ما كان باس؟
خلاصة القول يا جماعة، هي أنّ مناهضة التعذيب ما لازمهاش تكون هكّاكة بلاش صواب، يعني مثلا أنا مع الناس إلّي تدعو لتنظيم التعذيب في إطار الشفافيّة، بحيث كلّ بلاد تعمل قانون للتعذيب باش كلّ واحد ياخذ حقّو وما نظلموا حدّ، مثلا كلّ واحد عندو الحق في عدد كذا مشطة في النهار، وعدد كذا شلبوق، ويقعد على عدد كذا شقوفات في الأسبوع، بالطبيعة مع التنصيص على نوع المشروبات إلّي تتبعها الشقوفات هاذي باش ما يصيرش إشهار مقنّع لماركات دون غيرها، ويولّي التعذيب هذا يتعدّى مباشرة في التلفزة باش الناس تلقى ما تتفرّج في الأيّامات إلّي ما فمّاش فيها كورة، وأنا متأكّد أنّو ينجّم يكون برنامج تلفزي ناجح أكثر بياسر من البرامج العاديّة إلّي تدرّع الخواطر.. تي هي أمريكيا كان تتذكّروا كلات بعضها على طرف تصاور مهرّبينها العسكر بالسرقة من سجن أبو غريب، خلّي عاد كان نوصلو نبيعولهم البثّ المباشر على الفضائيّة، تي بالله الجزيرة سبور ما تتكسّر هي وباقة الأرتي ويولّي الدوفيز عامل مسدّ في نهج زرقون. إنتي شوف روما في عصرها الذهبي وما أدراك كيفاش كانت تسيّب في الصيودة والنمورة على العباد قدّام الجمهور، زعمة نحنا في جربوعستان باش نجيو أقوى من الإمبراطوريّة الرومانيّة ولاّ نعرفوا خير منها؟ يا أخي كيف يبدى عندنا أمور كيما هاذي ومنتوجات ثقافيّة موش متوفّرة عند بلدان العالم المتحضّر آشنوّة المانع من إستغلالها وتوظيفها في خدمة التنمية الشاملة؟ الزّح والله ساعات نقول كان يعطيوني البلاد هاذي نحكم فيها إلاّ ما نطلّع منها العجب، أما الله غالب جيت إمّخّر وما خلطتش على بايي !
:)