samedi, janvier 29, 2011

مباشرة من القصبة، صرخة مواطن يكسر حضر التجوّل


يا توانسة يلي تنفخولكم.. يا توانسة يلّي كرّزوكم.. يا توانسة يلّي عيّفوكم.. يا توانسة يلّي عطّلوكم.. يا توانسة يلّي في دياركم حصروكم.. يا توانسة يلّي الغاز شمّموكم.. كرّهونا في الحرية.. شعب تونس كرّه مازمبي في الحرية.. ينعن دين شعب تونس.. الإعتصام هرب.. إعتصام الفراشيش هرب.. القصبة حرّة.. يزّي من الحجر.. يزّي من الغاز.. يزّي من المبات تحت الحيوط... الحكومة تبدّلت.. التجمّع تـ*ـاك.. يا حكومة يا باهية.. يا حكومة يا سمحة.. المجد للغنّوشي.. المجد للتكنوقراط.. يسقط الزلاّط.. المجد للكفاءات التونسيّة بالخارج.. إلى القصرين أيّها الفراشيش.. إلى بوزيد أيّها الهمامة.. إلى الثكنات أيّها العسكر.. إلى بوشوشة أيّها البوب.. إلى الحبس أيّها المساجين الهاربين.. الثورة وفات.. الشعب ربح.. بن علي في الحجّ.. بن علي في العمرة.. سيّب صالح.. فكّ على مازمبي.. ووووووه

mercredi, janvier 26, 2011

في الحصانة القضائيّة لسيدي مخلوع

عندي فقط ملاحظات تخص الفصل 41 من الدستور المتعلّق بالحصانة التي يتمتّع بها رئيس الجمهوريّة وإلّي برشة ناس قاعدين ينشروا فيه عن جهل وربّما عن سوء نيّة للتشكيك في مصداقيّة التتبعات القضائيّة إلّي تقوم بها الحكومة المؤقّتة ضدّه. ويقول الفصل المذكور في فقرته الثّانية:

" يتمتع رئيس الجمهورية اثناء ممارسة مهامه بحصانة قضائية، كما ينتفع بهذه الحصانة القضائية بعد انتهاء مباشرته لمهامه بالنسبة إلى الأفعال التي قام بها بمناسبة أدائه لمهامه "

الفصل هذا بالفلاّقي يخصّ الأعمال إلّي يقوم بها الرئيس في نطاق عمله كرئيس للدولة، يعني أن الأعمال إلّي ما تدخلش في نطاق ممارسة صلاحياته المهنية كرئيس دولة ماهيش خاضعة للحصانة.. يعني مثلا كيف يطلع في خطاب للشعب التونسي ويبدى يقول في الكلام البذيء (وهي فرضيّة كانت تنجّم تصير لو كان زاد عمل خطاب آخر بعد نهار 14) ما ينجّم حتى حدّ يشكي بيه بتهمة الإعتداء على الأخلاق الحميدة بما أنّها جريمة عملها في إطار ممارسة مهامّه، أمّا كيف يخرّج دوفيز بصفة غير قانونيّة باش يشري عقارات في الخارج ليه هو كشخص موش كرئيس دولة فهذا لا يدخل في ممارسة صلاحياته وهو بالتالي لا يتمتّع في شأنه بحصانة ولا بحصان ولا حتّى ببغل.. كما أنّ هذا الفصل إلّي جاء بيه تعديل الدستور عام 2002 ما عندوش مفعول رجعي، يعني كلّ الجرائم إلّي ينجّم يكون قام بها بن علي حتّى في إطار ممارسة صلاحيّاته كرئيس للدولة بين عام 87 وعام 2002 تبقى خارج مجال الحصانة.. كلّ هذا طبعا دون إعتبار أنّ القانون الدستوري الحالي باش يكون بالتّأكيد موضوع مراجعة وأنّه يمكن حتّى إهمال العمل ببعض فصوله نظرا للمرحلة الإنتقاليّة.. فالرجاء ما عادش تتعلّطو على حاجة ما تفهموهاش قبل ما تسئلوا أهل الذّكر أو على الأقل شكون يفهم خير منكم بشويّة، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

mardi, janvier 25, 2011

في الدّين والشريعة وصلاح الحُكم، مقتطفات من "الحقيقة الغائبة" لفرج فودة

فيما يلي مقتطفات من نصّ لـ"شهيد الكلمة" الدكتور فرج فودة يحمل عنوان "الحقيقة الغائبة"، وهو نصّ عندي مدّة نحبّ ننشرو على المدوّنة متاعي، وتتمثّل أهمّيته في أنّه يبيّن بالدّليل والبرهان (موش البسيّس ما تخافوش) زيف إدّعاء من يقولون بأنّ الرّجوع إلى الدّولة الدّينيّة أو دولة الخلافة هو الحلّ اليوم لمشاكل المسلمين، وهي حقيقة من المهمّ أنّها النّاس الكلّ تعرفها خاصّة في ظلّ بروز بعض الأصوات الرجعيّة إلّي قاعدة تتبلعط على شبابنا وتحبّ تبيعلو تلك البضاعة المغشوشة التي يسمّونها بالإسلام السّياسي. من غير ما نطوّل عليكم نخلّيكم مع النصّ.

" ... إنّه من المناسب أن أناقش معك أيّها القارئ مقولة ذكرتها لك ضمن وجهة نظر الدّاعين للتّطبيق الفوري للشريعة، وهي قولهم بأن التطبيق (الفوري) للشريعة، سوف يتبعه صلاح (فوري) لمشاكله، وسوف أثبت لك أنّ صلاح المجتمع أو حلّ مشاكله ليس رهنا بالحاكم المسلم الصّالح، وليس أيضا رهنا بتمسّك المسلمين جميعا بالعقيدة وصدقهم فيها وفهمهم لها، وليس أيضا رهنا بتطبيق الشريعة الإسلاميّة نصّا وروحا، بل هو رهن بأمور أخرى أذكرها لك في حينها، دليلي في ذلك المنطق وحجّتي في ذلك وقائع التّاريخ، وليس كالمنطق دليل، وليس كالتّاريخ حجّة، وحجّة التّاريخ لديّ مستقاة من أزهى عصور الإسلام عقيدةً وإيمانًا، وأقصد به عصر الخلفاء الرّاشدين.

أنت أمام ثلاثين عاما هجريّا (بالتّحديد تسعة وعشرون عاما وخمسة أشهر) هي كلّ عمر الخلافة الرّاشدة، بدأت بخلافة أبي بكر (سنتين وثلاثة أشهر وثمانية أيّام) ثمّ خلافة عمر (عشر سنين وستّة أشهر وتسعة عشر يوما) ثمّ خلافة عثمان (إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وتسعة عشر يوما) ثمّ خلافة علي (أربع سنين وسبعة أشهر).

وتستطيع أن تذكر بقدر كبير من اليقين أنّ خلافة أبي بكر قد انصرفت خلال العامين والثلاثة أشهر إلى الحرب بين جيشه وبين المرتدّين في الجزيرة العربيّة، وأنّ خلافة علي قد انصرفت خلال الأربعة أعوام والسبعة أشهر إلى الحرب بين جيشه في ناحية وجيوش الخارجين عليه والرافضين لحكمه في ناحية أخرى، بدءًا من عائشة وطلحة والزّبير في موقعة الجمل، وإنتهاء بجيش معاوية في معركة صفين ومرورًا بعشرات الحروب مع الخوارج عليه من جيشه، وأنّه في العهدين كانت هموم الحرب ومشاغلها أكبر بكثير من هموم الدّولة وإرساء قواعدها.

أضف إلى ذلك قصر عهد الخلافتين، حيث لم يتجاوز مجموع سنواتهما ستّ سنوات وعشرة أشهر، ويبقى أمامك عهد عمر وعهد عثمان، حيث يمكن أن تتعرّف فيهما على الإسلام الدّولة في أزهى عصور الإسلام إسلامًا، وأحد العهدين عشر سنين ونصف (عهد عمر)، والثّاني حولي إثني عشر عامًا (عهد عثمان)، وهي فترة كافية لكلّ من العهدين لكي يقدّم نموذجا للإسلام الدّولة كما يجب أن تكون، فعمر وعثمان من أقرب الصّحابة إلى قلب الرّسول وفهمه، والإثنان مبشّران بالجنّة، وللأوّل منهما وهو عمر مواقف مشهودة في نصرة الإسلام وإعلاء شأنه، وهي مواقف لا تشهد بها كتب التّاريخ فقط، بل يشهد بها القرآن نفسه، حين تنزّلت بعض آياته تأييدًا لرأيه، وهو شرف لا يدانيه شرف، وللثّاني منهما وهو عثمان مواقف إيمان وخير وجود، ويكفيه فخرا أنّه زوج إبنتي الرسول، هذا عن الحاكم في كلّ من العهدين.

أمّا عن المحكومين، فهم صحابة الرسول وأهله وعشيرته لا تحدث واقعة إلاّ تمثل أمامهم للرّسول فيها موقف أو حديث ولا يمرّون بمكان إلاّ وتداعت إلى خيالهم ذكرى حدث به أو قول فيه ولا تغمض أعينهم أمام المنبر إلاّ وتمثّلوا الرّسول عليه قائما ولا يتراصّون للصّلاة خلف الخليفة إلاّ وتذكّروا الرسول أمامهم إمامًا، وهم في قراءتهم للقرآن يعلمون متى نزلت الآية، وأين، ولماذا إن كان هناك سبب للتّنزيل، وبإختصار يعيشون في ظلّ النبوّة ويتأسون بالرسول عن قرب وحب، هذا عن المحكومين، ولا يبقى إلاّ الشّريعة الإسلاميّة وهي ما لا يشكّ أحد في تطبيقها في كلّ من العهدين.

بل أنّك لا تتزيّد إن أعلنت أن هذا العهد أو ذاك، كان أزهى عصور تطبيقها لأنّها لزوم ما يلزم في ضوء ما سبق أن ذكرنا بشأن الحاكم والمحكوم، ومع ذلك فقد كان عهد عمر شيئا وعهد عثمان شيئا آخر، فقد ارتفع عمر بنفسه وبالمسلمين إلى أصول العقيدة وجوهرها، فسعد المسلمون به، وصلح حال الدّولة على يديه، وترك لمن يليه منهجًا لا يختلف أحد حوله، ولا نتمثّل صلاح الحكم وهيبة الحاكم إلاّ إذا استشهدنا به، بينما قاد عثمان المسلمين إلى الإختلاف عليه، ودفع أهل الحلّ والعقد إلى الإجماع على الخلاص منه، إمّا عزلا في رأي أهل الحجى، أو قتلاً في رأي أهل الضراب، وإهتزّت هيبته في نظر الرّعيّة إلى الحدّ الذي دفع البعض إلى خطف السّيف من يده وكسره نصفين أو حصبه على المنبر، أو التصغير من شأنه بمناداته (يا نعثل) نسبةً إلى مسيحي من أهل المدينة كان يسمّى نعثلاً وكان عظيم اللّحية كعثمان، أو الإعتراض عليه من كبار الصّحابة بما يُفهَم منه دون لبس أو غموض أنّه خارج على القرآن والسنّة، ووصل الأمر إلى الدّعوة الصّريحة لقتله، حيث يروى عن عائشة قولها: اقتلوا نعثلاً لعن الله نعثلا، وهي كلّها أمور لا تترك مجالاً للشّك فيما وصل إليه أمر الخليفة قبل رعيّته، وما وصل إليه أمر الرعيّة قبل الخليفة.

وعلى الرّغم من أنّ عمر وعثمان قد ماتا مقتولين، إلا أنّ عمر قد قتل على يد غلام من أصل مجوسي، وترك قتله غصّة في نفوس المسلمين، وأثار في نفوسهم جميعا الرّوع والهلع لفقد عظيم الأمّة، ورجلها الذي لا يعوّض، بينما على العكس من ذلك تماما، ما حدث لعثمان عند مقتله، فقد قتل على يد المسلمين الثّائرين المحاصرين لمنزله وبإجماع منهم، وقد تتصوّر أنّ قتلة عثمان قد أشفوا غليلهم بمصرعه على أيديهم، وانتهت عداوتهم له بموته، لكن كتب التّاريخ تحدّثنا برواية غريبة ليس لها نظير سابق أو لاحق، وإن كانت لها دلالة لا تخفى على أريب:

فالطبري يذكر في كتابه تاريخ الأمم والملوك الجزء الثالث ص439:

(لبث عثمان بعدما قتل ليلتين لا يستطيعون دفنه ثمّ حمله أربعة "حكيم ابن حزام وجبير بن مطعم ونيار بن مكرم وأبو جهم بن حذيفه" فلمّا وضع ليصلّى عليه جاء نفر من الأنصار يمنعوهم الصّلاة عليه فيهم أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي وأبو حية المازني ومنعوهم أن يدفن بالبقيع فقال أبو جهم ادفنوه فقد صلّى الله عليه وملائكته فقالوا لا والله لا يدفن في مقابر المسلمين أبدًا فدفنوه في حش كوكب (مقابر اليهود) فلمّا ملكت بني أميّة أدخلوا ذلك الحش في البقيع).

وفي رواية ثانية (أقبل عمير بن ضابئ، وعثمان موضوع على باب فنزا عليه فكسر ضلعا من أضلاعه)، وفي رواية ثالثة أنّهم دفنوه في حش كوكب حين رماه المسلمون بالحجارة فاحتمى حاملوه بجدار دفنوه فوقع دفنه في حش كوكب.

هذا خليفة المسلمين الثّالث، يقتله المسلمون، لا يستطيع أهله دفنه ليلتين ويدفنوه في الثالثة، يرفض المسلمون الصلاة عليه، يقسم البعض ألاّ يدفن في مقابر المسلمين أبدًا، يحصب جثمانه بالحجارة، يعتدي مسلم على جثمانه فيكسر ضلعًا من أضلاعه، ثمّ يدفن في النّهاية في مقابر اليهود.

أيّ غضب هذا الذي يلاحق الحاكم حتى وهو جسد مسجّى، وينتقم منه وهو جثّة هامدة، ولا يراعي تاريخه في السّبق في الإسلام والذّود عنه، ولا عمره الذي بلغ السادسة والثمانين، ويتجاهل كونه مبشّرا بالجنّة وزوجا لابنتي الرّسول، ويرفض حتى الصّلاة عليه أو دفنه في مقابر المسلمين شأنه شأن أفقرهم أو أعصاهم. هو غضب لا شكّ عظيم، وخطب لا ريب جليل، وحادث لا تجد أبلغ منه تعبيرا عن رأي المسلمين في حاكمهم، وأمر لا يؤثّر في الإسلام من قريب أو بعيد، فعثمان رضي الله عنه ليس ركنا من أركان الإسلام، وإنّما هو بشر يخطئ ويصيب، وحاكم ليس له من الحصانة أو القدسيّة ما يرفعه عن غيره من المسلمين، لكنّك لا تملك إلاّ أن تتساءل معي وأن تجيب:

* ألم يكن عثمان وقت إختياره واحدا من خيار المسلمين، مبشّرا بالجنّة وأحد ستّة هم أهل الحلّ والعقد، وأحد إثنين لم يختلف المسلمون على أنّ الخلافة لن تخرج عنهما وهما عثمان وعلي؟

والإجابة (بلــى)

* ألم يكن المسلمون في أعلى درجات تمسّكهم بالعقيدة، وأقرب ما يكونون إلى مصدرها الأوّل وهو القرآن ومصدرها الثّاني وهو السنّة، بل كان أغلبهم أصحابا للرسول وناقلين عنه ما وصلنا من حديث وأحداث؟

والإجابة (بلــى)

* ألم تكن الشّريعة الإسلاميّة مطبّقة في عهد عثمان رضي الله عنه؟

والإجابة (بلــى)

* هل ترتّب على ما سبق (حاكم صالح ومسلمون عدول وشريعة إسلاميّة مطبّقة) أن صلح حال الرعيّة؟ وحسن حال الحُكم؟ وتحقّق العدل؟ وساد الأمن والأمان؟

والإجابة (لا)

وهنا نصل سويّا إلى مجموعة من النّتائج نستعرضها معًا عسى أن تحلّ لنا معضلة التفسير وأن تجيب معنا على السؤال الحائر وموجزه لفظ (لماذا).

النتيجة الأولى:

أنّ العدل لا يتحقّق بصلاح الحاكم، ولا يسود لا بصلاح الرعيّة، ولا يتأتّى بتطبيق الشّريعة، وإنّما يتحقّق بوجود ما يمكن أن نسمّيه (نظام حكم)، وأقصد به الضّوابط التي تحاسب الحاكم إن أخطأ، وتمنعه إن تجاوز، وتعزله إن خرج على صالح الجماعة أو أساء لمصالحها، وقد تكون هذه الضّوابط داخليّة، تنبع من ضمير الحاكم ووجدانه، كما حدث في عهد عمر، وهذا نادر الحدوث، لكنّ ذلك ليس قاعدة ولا يجوز الرّكون إليه، والأصحّ أن تكون مقنّنة ومنظّمة.

فقد واجه قادة المسلمين عثمان بخروجه على قواعد العدل بل وأحيانا بخروجه على صحيح جوهر الإسلام، فلم يغيّر من سياسته شيئا، وبحثوا فيما لديهم من سوابق حكم فلم تسعفهم سابقة، ومن قواعد تسيير أمور الدّولة فلم يجدوا قاعدة، واشتدّ عليهم الأمر فحاصروه وطلبوا منه أن يعتزل، ولأنّ قاعدة ما في الأمر لم تكن موجودة، فقد أجابهم بقوله الشّهير: والله لا أنزع ثوبًا سربلنيه الله (أي ألبسنيه الله)، وحين اقترب الأمر من نهايته، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من ملاقاة حتفه على يد رعيّته، أرسلوا إليه عرضًا فيه من المنطق الكثير ومن الصّواب ما لا يختلف عليه.

فقد خيّروه بين ثلاث:

- إمّا الإقادة منه (أي أن يعاقب على أخطائه شأنه شأن أيّ مسلم يخطئ) ويستمرّ بعدها خليفةً بعد إدراكه أنّه لا خطأ دون عقاب.

- وإمّا أن يتبرّأ من الإمارة (أي أن يعتزل الخلافة بإرادته).

- وإمّا أن يرسلوا الأجناد وأهل المدينة لكي يتبرّأوا من طاعته (أي أن يعتزل الخلافة بإرادة الرعيّة).

فكان ردّه كما ورد في رسالته الأخيرة كما انتسخها بن سهيل (وهم يخيّرونني إحدى ثلاث إمّا يقيدونني بكل بجل أصبته خطأ صوابا غير متروك منه شيء، وإمّا أعتزل الأمر فيؤمرون آخر غيري، وإمّا يرسلون إلى من أطاعهم من الأجناد وأهل المدينة فيتبرّأون من الذي جعل الله سبحانه لي عليهم من السّمع والطّاعة، فقلت لهم أمّا إقادتي من نفسي فقد كان من قبلي خلفاء تخطئ وتصيب فلم يستقدمن أحد منهم وقد علمت إنّما يريدون نفسي وأمّا أن أتبرأ من الإمارة فإن يكلبوني أحبّ إليّ من أن أتبرّأ من عمل الله عزّ وجلّ وخلافته، وإمّا قولكم يرسلون إلى الأجناد وأهل المدينة فيتبرّأون من طاعتي فلست عليكم بوكيل ولم أكن استكرهتكم من قبل على السّمع والطاعة ولكن أتوها طائعين).

هنا يوضّح عثمان أنّ مراجعة الخليفة على الخطأ لم تكن واردة فيمن سبقه من الخلفاء (أبو بكر وعمر) أو على الأقلّ ليس لها قاعدة، وهنا أيضا يعلن بلا مواربة أنّه مصرّ على تمسّكه بالحكم حتى النّهاية وأنّ اعتزاله غير وارد، وهنا أيضا يواجه الدّعوة إلى سحب البيعة بمنطق غريب مضمونه، وهل كنت أكرهتكم حين بايعتم؟ وكأنّ البيعة أبديّة ولا مجال لسحبها أو النّكوص عنها.

لا قاعدة إذن ولا نظام للرّقابة والأمر كلّه موكول لضمير الحاكم إن عدل وزهد كان عمر، وإن لم يعدل ويمسك بالحكم كان عثمان.

لقد أعلن عثمان أنّ نظام الحكم الإسلامي (من وجهة نظره) يستند إلى القواعد الآتية:

- خلافة مؤبّدة

- لا مراجعة للحاكم ولا حساب ولا عقاب إن أخطأ

- لا يجوز للرعيّة أن تنزع البيعة منه أو تعزله، ومجرد مبايعتها له مرة واحدة، تعتبر مبايعة أبدية لا يجوز لأصحابها سحبها وإن رجعوا عنها أو طالبوا المبايع بالاعتزال.

ولأنّ أحدا لا يقرّ ولا يتصوّر أن تكون هذه هي مبادئ الحكم في الإسلام، قتله المسلمون، لكنّ السؤال يظلّ حائرا، ومضمونه، هل هناك قاعدة بديلة؟

أو نظام حكم واضح المعالم في الإسلام؟

هل هناك قاعدة في القرآن والسنة تحدد كيف يبايع المسلمون حاكمهم، وتضع ميقاتاً لتجديد البيعة، وتحدد أسلوباً لعزل الحاكم بواسطة الرعية، وتثبت للرعية حقها في سحب البيعة كما تثبت لها حقها في إعلانها، وتعطي المحكومين الحق في حساب الحاكم وعقابه على أخطائه، وتنظم ممارستهم لهذا الحق؟

أعتقد أن السؤال كان حائراً ولا يزال، بل إن السؤال نفسه قد اختفى بعد عهد الخلفاء الراشدين، وحرص المزايدون والمتزيدون في عصرنا على إخفائه، تجنباً للحرج، وتلافياً للخلاف، ونأياً بأنفسهم عن الاجتهاد وهو أمر بالنسبة لهم عسير، ربما عن قعود، وربما عن جمود، وربما عن عجز.

... "

يلاّ نثور، يلاّ نثور

يلاّ نثور يلاّ نثور

يلاّ بالمنقالة ندور

نسبّو وزيرة نديرو القيرّة

خلّي المستقبل مقعور

يلاّ نثور يلاّ نثور

يلاّ نناضل يلاّ نشنع

بول عليها آش عنّا نصنع

تفلس شركة يسكّر مصنع

المفيد مسيرة تدور

يلاّ نثور يلاّ نثور

يلاّ نسقّط الحكومة

وبالزّلاط نعسّ على الحومة

بن علي حرق لروما

وهزّ معاه بدر البدور

يلاّ نثور يلاّ نثور

علاش تحبّونا ما نثوروش

بعد ما تنحّى الكرتوش؟

نحنا الحريّة ما نحبّوش

نحبّو نبدّلو الديكتاتور بديكتاتور

يلاّ نثور يلاّ نثور

mercredi, janvier 19, 2011

كان ياما كان.. جربوعستان


كان يا ما كان، في زمان غير هالزمان، في بعض البلدان اللي تجي بين برّ الوصفان وبرّ الطليان، ملك "جنتلمان" يحكم في العربان، ساعات بالعدل والإحسان، وساعات بالمشطة و"البردكان". وكانت البلاد هاذي يا خلاّن، معروفة بإسم "جربوعستان"، كناية على قدرة أهلها على التجربيع كمنهج في الحياة، وكطريقة للبقاء رغم كلّ الصعوبات وتعدّد الأزمات، بحيث كان شعب جربوعستان يتفطم منذ الطفولة الأولى على التحيّل والترهدين، وتدبير الرأس والتكمبين، وقيل في بعض الروايات عن أبي الكشلاف الأمين، أنّو كان عندهم زادة الطحين وقلّة الدين، والله ربّك أعلم بما خفي علينا وعلى عباده المؤمنين، من أعمال الفاسقين المتجربعين.

وكانت في جربوعستان عادة، قريب تولّي عبادة، تتمثّل في أنّهم كلّ ما يتعدّاو ثلاثين ربيع، يختارو ما بيناتهم واحد من أكثرهم قدرة على التجربيع، ويسمّيوه "الجربوع الكبير"، إلّي يقوم ما بيناتهم مقام الملك أو الأمير، ويقودهم بما عندو من حكمة وتدبير، حسب العادات والمسالك الجربوعيّة لتحقيق الأهداف الجماعيّة.


وكان في جربوعستان في هاك الزمان، كيما قلتلكم من المان، ملك جنتلمان، ولد ناس وماهوش جيعان، كما أنّو كان قاري في برّ الألمان، وعندو شهادة تأهّلو باش يخدم صانع "مكسيان". وكان الملك هذا مدعوم من جبهة نيسان، المتكوّنة من المتجربعين القدامى، إلّي طلعوا للحكم في عهد البهامة، وإلّي لقاو فيه أحسن وسيلة، باش يحافظو على بلايصهم بالتجربيع والحيلة. وكان الملك الجنتلمان، المعروف وقتها بجربوع الجرابع الثاني، خايف على مستقبل البلاد وماهوش هاني، ولكنّو عاجز على الخروج على عرف المتجربعين القدامى في مسالك الحكم والإمامة، وخاصّة بعد ما كبر في العمر وخاف لا يقعدو الجربوعستانيّين من بعدو يتامى. وكان من أسباب المخاوف والتهلويس متاع الجربوع الكبير، أنّو ظهر في هاك العصر مرض خطير في بلدان أخرى ما تبعدش عليه كثير، وهو مرض "التكفير المؤدّي للتفجير"، المعروف عند العلماء بمرض "السالافوجيهاديزم كرونيك"، إلّي لا نفع معاه لا الكيّ ولا "الأنتيبيوتيك". ولمّا خاف الملك من وصول العدوى لحدود جربوعستان، وعرف إلّي الناس إلّي عمّل عليهم باش يعاونوه طلعوا سلعة "أنسيان"، موش مواكبة لتطوّرات الزمان، ومازالو عايشين في عالم تجاوزته الأحداث وأصبح مصيره النسيان، عمل خماسو في سداسو، وخدّم الشحمة إلّي في راسو، وبعد سويعة ولاّ سويعتين، غلبو النوم وبدى يشخر وينين، وجاه في منامو المرحوم جربوعبعل، قائد جيوش جربوعستان في عصورها الذهبيّة والرمز التاريخي الكبير لقوّتها الجربوعيّة. وكان جربوعبعل في هاك الحلم لابس جبّة وكلّو في الأبيض من راسو لكرعيه، وبدى بالصوت ينادي فيه، ويقوللو "يا سي المتجربع، قوم لا تتقربع، والبلاد تتفرقع، ودارك تتقرقع، تقعّد قوم يا رأس اللحم المفروم، لا يطيرولك بالمشموم والبلاد تمشي حرام زقّوم لجربوع بولحية قرّوم يعيّش الشعب المظلوم على نغمة المزموم". عاد تفجع هاك الملك المغبون وبدى يرعش تقول درا آشبيه، وقال للقائد اللي صوتو بدى يبعد عليه: يا جربوعبعل ماني خوك، أعطيني آش نعمل يرحم بوك، راهي البلاد بلادك والناس لليوم يحبّوك، وعاملين عليك مجموعات حوار على "الفايسبوك". فقال جربوعبعل بصوت عالي "خمس مائة وواحد يا بوهالي"، وبدى يردّد في هالكلمة ويعيد حتّى صوتو صار بعيد، ووقتها نزع عليه الجبّة وخرج قلم، ورماها للملك المحتار وقاللّو "شوف ظهر الجبّة يا وجه الهمّ، وكان ما فهمتش هاو النمّ"، وأشار إلى أعضائه التناسليّة، وكانت حسب بعض الروايات ذات قياسات عالميّة. زادت فجعة الملك، وهبط على الجبّة يقلّب فيها كيف المدكّ، فإذا بيه يلقى في ظهر الجبّة قربيطة ورديّة اللون، وأوّل فكرة جات لبالو هي أنّو جربوعبعل طلع لبعيدة ميـ***، هو هكّاكة يقلّب في الجبّة ويلوّج على الإجابة، وإذا بيه صوت ولدو الصغير قوّم في القصر ندّابة، من حينك قام هاك الملك مفجوع، يلعن في النهار إلّي إختاروه فيه أكبر جربوع، وقريب يبكي من شدّة ما أثّرت فيه هاك الحلمة، وبالوقت طلب مستشارو الأوّل في الأحلام وقالّو "إيجاني حاجتي بيك في كلمة". من حينك جاه يجري زعيم المستشارين والعزّامة، ومن حينك حكالو الملك المنامة، وطلب منّو تفسير خالي من البهامة.




فكّر هاك المستشار، ودوّرها في دماغو نصف نهار، ومن بعد قاللو "يا سيدنا لقيتها، وراس سيدنا لقيتها"، فرح الملك وقاللو آش لقيت، راني من الفجعة تهرّيت، قول وعندك سلاطة بلانكيط مع حوتة مشويّة في الزيت خالصة في مطعم "لمفيتريت". قال المستشار "يا سيدنا الغالي خلّيها حوتة جغّالي وكعبة شراب من إلّي يحلالي، راهو القائد جربوعبعل يحبّ يقوللك إنّو الحلّ في الشباب، وهذا ممّا لا غموض فيه ولا إرتياب"، فقال الملك "كيفاش يا سي بو العرّيف، فهّمني لا نقطع عليك الرغيف"، فقال المستشار "يا سيدنا الغالي النفيس، الخمسة مائة وواحد راهي ترمز لسروال الدجين "لوفيس"، وهو لباس شبابي للبنات والعتاريس، يلبسوه في بلادنا وماهوش رخيص، وأمّا بالنسبة للقربيطة الورديّة، راهي ماهيش نقص في الرجوليّة، وإنّما ماركة عالميّة في الملابس الشبابيّة لأبناء الطبقة الجربوعيّة العلويّة، ويقولوها "إيدين بارك"، إلّي ما تتباع كان في البلايص إلّي ما تدورش فيها الأمّارك، وما يقدر عليها كان إلّي يخلص بالدولار والدوتشمارك، هذا تفسيري يا سيدنا يعلّي مقدارك، وإلّي باش تعطيني الله يبارك". فرح الملك وقال "هاذي هي، والحلّ هو في تشريك الشباب في القرارات المصيريّة للدولة الجربوعستانيّة"، هيّا يا شسمك نهبّطو صحيّن كمية إلّي هِيَّ، قبل ما نبداو بالمشروبات الكحوليّة، في إنتظار الخرافة تتواصل في تدوينة جاية، والمدوّن ياخذ نفس ويرتاح قبل ما يكمّل الحكاية.

...يتبع.

ملاحظة: كلّ تشابه بين أحداث وشخصيّات القصّة وأحداث وشخصيّات واقعيّة هو من محض الخيال. لم يتمّ إلحاق الضرر بأيّ جربوع خلال تصوير مشاهد هذه القصّة.

بعض الخواطر حول الوضع الرّاهن


أهلا بيكم، هاني رجعت.

ما نعرفش آشكون لازمني نشكر على الوضع الحالي إلّي تعيش فيه البلاد (بما في ذلك "حدث" رفع الحجب على مدوّنتي وعلى بقيّة مواقع الأنترنت). ساعات نقول نشكر المرحوم محمّد البوعزيزي وبقيّد شهداء "ثورة الياسمين" وكلّ من ساهم فيها بالقول والفعل والقلم، وساعات نقول ما فمّاش شكون أحقّ بالشّكر من النّظام البائد و"رجالاته" على ما تميّزوا بيه من غباء منقطع النّظير في تسيير أزمة كان يمكنهم تجاوزها بقليل من الذكاء والحنكة السّياسيّة إلّي طالما حكاو عليها ولكن ما رينا منها شي.

الحقيقة المواضيع إلّي تستحقّ الإهتمام والتّحليل كثيرة والكيف متاع الكتيبة إلّي طيّروهولنا أولاد الحرام يرجع بصورة طبيعيّة في مثل هذه الوضعيّات، وما انجّمش وأنا في مثل هذه الحالة ما نحيّيش مدوّنين آخرين منهم الجدد كيف "بنت طراد" أو "شيت ليبر" أو القدم كيف علي سعيدان وإلّي كانت كتاباتهم متنفّس ليّا شخصيّا خلال فترة الهمّ والزّمم إلّي كانوا أولاد بلادنا خلالها يموتوا بكرطوش "وطنيّ" في القصرين وتالة ومنزل بوزيّان وغيرها من مناطق منسيّة من خارطة التّنمية الحولة، هذا دون أن أنسى شاعر تونس في هذا العصر، ذلك الرّائع الصغيّر أولاد أحمد.

الحقّ متاع ربّي ضميري ماهوش مرتاح تماما، ولو أنّي حاولت باش نساهم بما أقدر عليه سواء بالفكرة أو بالكلمة أو حتّى بالإمتناع عن الطّحين والفعل الدّوني عملا بمبدإ "لا إنّاشدكم ولا تناشدوني"، ولكنّي كنت نتمنّى لو كانت الظروف الموضوعيّة تسمحلي بمساهمة أكبر. على كلّ حال كلّ قدير وقدرو والله أعلم بذات الصّدور.

كيما تعرفوا الكلّ فإنّه الرئيس هرب وخلّى أهل البلاء في البلاء بعد ما كنّا نمنّي النّفس باش نزيدو نخلّيوه على قلوبنا للفترة الممتدّة بين 2014 و2019، ولكن الله غالب، المسلسل المكسيكي ما دام كان لمدّة 1208 أسابيع (يا بوقلب) وهو ما يعادل الـ23 سنة من نفخان الأوداج والغدد شهدنا خلالها الرّعاية الموصولة والإمتياز والإستشراف وجمهوريّة الغد وذلك قبل ما نفيقوا إلّي مازال عندنا بعض التحدّيات لازمنا نرفعوها.. كلّ هالمصطلحات المبتذلة والفاقدة للمعنى إقترنت مثلها مثل الكاشكولات الحمراء واللّون البنفسجي بحزب التجمّع، وإلّي بعد ما فرغ تماما من أيّ معنى سياسيّ ما عدى كونه بوق دعاية لنظام القائد الملهم إلّي قاري كتاب غير ربع في آش وسبعين سنة، وبعد ما أقرّ هذا الحزب "بعظمة لسانه" خلال سنوات أنّ مشروعه السياسي هو "المشروع الحضاري للرّئيس بن علي"، مازال هذا الحزب لا يستحي من التّواجد داخل الحكومة الإنتقاليّة، حتّى بعد ما هجّ الرئيس متاعهم وهرب حاملا معه "مشروعه الحضاري" المعفّط والمتخلّف لأرض الحرمين الشريفين.. التجمّع لهنا وقبل ما يحاسبوه النّاس من المفروض أنّه هو إلّي يحاسب نفسه ويفهّم لنفسه ومن بعدها للشّعب التونسي آشنوّة الغاية من وجوده كحزب سياسي في الساحة اليوم؟ هل هو موجود باش يركب على "التّغيير" الجديد كيما ركب على 7 نوفمبر ويحاول يعاود يولّد منظومة الفساد والإنتهازيّة بوجوه جديدة؟ هل يتصوّر هالحزب أنّه يكفيه طرد بعض الأعضاء الذين لا يفوق عددهم العشرة شلايك لكي يسترجع عذريّته السياسيّة و"نرجعوا كيما كنّا" على قول الزّعيم بورقيبة (إلّي نتصوّروا شايخ بالضّحك في قبره رحمه الله)؟

شخصيّا ما نحملش كراهيّة أو ضغينة خاصّة ضدّ الدّساترة (وخاصّة منهم الأقليّة إلّي دخلت عن قناعات موش خدمة لمصالحها الضيّقة) والعديد منهم من أصدقائي المقرّبين البارح وغدوة، وما ننكرش أيضا أنّ التجمّع فيه العديد من الكفاءات العالية متاع البلاد، وهذا يرجع خاصّة لكون الدّولة في ظلّ النّظام السابق ما كانتش تسمح في أغلب الأحيان للكفاءات العالية باش تساهم في خدمة البلاد إذا ما كانتش منضوية تحت لواء "الحزب" أو بصفة عامّة إذا ما كانتش تعبّر عن شكل من أشكال الولاء للرّئيس.

اليوم التجمّع إلّي خرج من الباب مازال يحبّ يرجع من الشبّاك، من قبل ما يعمل لنفسه المحاسبة إلّي حكيت عليها، وهو بالتصرّف غير اللاّئق هذا قاعد يزيد يحرق في روحو مع الشّعب التونسي إلّي نقم عليه بصفة غير مسبوقة.

أنا مانيش مع فكرة إستئصال التجمّع، ما عدى الأطراف المتورّطة في فساد سياسي أو مالي (لأنّ خدمة الديكتاتوريّة على حساب الوطن وتزييف إرادة الشّعب وإنتخاباته هي أيضا فساد سياسي لمن نسي ذلك)، ومانيش ضدّ وجود بعض التكنوقراط في الحكومة الإنتقاليّة طالما أنّي نخيّر نبنيو على ما هو موجود أحسن من أننا نخاطرو ونعاودوا من الصّفر، وأكثر من ذلك نرى أنّه واحد كيف النّوري الجويني مؤهّل تماما لمنصب رئيس وزراء أو وزير أوّل في المرحلة القادمة، ولكن فمّا فرق كبير يا حبيبي بين تكنوقراط مارس بكفاءة مهمّة تسيير وزارة "تقنيّة"، وبين واحد يمكن أن نختزل إنجازاته خلال العشريّتين الماضيتين في بعض الإجراءات المحتشمة في ميدان الإصلاح الإداري ترجع إلى بداية التسعينات (وظاهرلي الحالة التّعيسة للإدارة التونسيّة اليوم ماهيش في حاجة لأدلّة ولا لحديث طويل) يضاف إليها نشاط موازي (موش كان البوعزيزي الله يرحمه كان يعمل في التّجارة الموازية) إلّي يتمثّل في الطريزة الدستوريّة على مقاس سيدنا الهرّاب، حيث أتحفنا سي زهير بقدراته العالية في التنظير والتبرير لمختلف التعديلات الدستوريّة إلّي سهّلت عمليّة السّطو القانوني على الحكم. يعني بصراحة تامّة وفي تقديري الخاصّ، كان يكون من الأقلّ طرافة ومن الأكثر مصداقيّة لو قام الوزير الأوّل بتعيين زهير الذوّادي كوزير في الحكومة الإنتقاليّة في عوض زهير المظفّر وفي نفس السياق يعوّض منصر الرويسي بفوزي الرويسي وخلّي البلاد تطيح للقسم الثاني كيف النادي الإفريقي.. (بالمناسبة سمعت أنّ أمير العكروت ضربوه بالكرتوش ومنع من الموت بأعجوبة، وإلّي ضربو عسكري كلوبيست !)

نرجع بالحديث لسي محمّد الغنّوشي الوزير الأوّل المؤقّت باش نأكّد أنّه راجل ماهوش متاع سياسة وخاطيه "البوليتيك"، لكن هذا ما يمنعش أنّه أمام مسؤوليّة تاريخيّة ولازمو يكون قدّها: ما يكفيش يا سي محمّد إستقالتك من الحزب، ما يجب هو إستبعاد الوجوه "المشبوهة" سياسيّا من الحكومة الإنتقاليّة وعلى رأسهم الزوز إلّي سبق ذكرهم، وموش بالضّرورة تعوّضهم بمعارضين.. جيبولنا زوز ولاّ ثلاثة جامعيّين أكفّاء ومستقلّين فيه ألف بركة يا سيدي.. هذا ضروري إذا تحبّوا يرجع فيكم حدّ أدنى من الثّقة، خاصّة وأن إعلانكم عن الإتّصال الهاتفي بذلك الكريه المكروه كان زلعة كبيرة.

بكلّنا مع تونس إلّي نحلموا بيها، العصريّة الديموقراطيّة التعدّديّة الحرّة، والنّاس مستعدّة باش تفتح صفحة جديدة مع المسؤولين النّظاف.. رجاءًا ما تفسّدوش علينا فرحتنا وما تدخّلوناش في حيط !